كتبت: آية الكحلاوي
فى تمام الساعة الخامسة والنصف، من يوم الخميس ٣١ مايو عام ١٩٣٤، صدح أحمد سالم، من شارع الشريفين قائلا "هنا الإذاعة اللاسلكية للحكومة المصرية.. هنا القاهرة"، واليوم وبعد ما يقرب من 9 عقود، يصدح مسرح الجامعة الأمريكية في الفلكي، بـ " وهنا القاهرة"، ضمن عروض الدورة الرابعة عشر من مهرجان المسرح القومي، وسط إلتزام واضح بالإجراءات الاحترازية من قِبَل الجمهور والمنظمين والتشديد عليها، رغم الإقبال الشديد على العرض.
تناول عرض
"وهنا القاهرة" تأليف وإخراج رشا الجمال، والتي عادت إلى المسرح بعد امتهانها
مهن مختلفة كتصميم الأزياء التراثية، ومذيعة تليفزيونية، لتقدم القاهرة كما رأتها في
ست لوحات، تتناول ستة قضايا تعبر عن نماذج
مختلفة في الحياة العادية، بصورة كوميدية، لا تحمل أي إيحاءات مزعجة، يفصلها عن بعضها
موسيقى البرنامج الشهير "اديني عقلك"، لتقديم طرفة ظريفة مضحكة تتناول سلوكيات
بعض الشعب المصري، كـ "التدخل في شئون الغير"، "التبول في الشارع"
و"سلوك النادل الغريب".
حملت اللوحة الأولى اسم "الشيطان همام"
وقدمت الفرقة فيه قصة الظالم والحرافيش، ورغم أنها قدمت مرارا إلا أن "وهنا القاهرة" قدمها بشكل كوميدي مختلف ميزه حسن الأداء، واللوحة الثانية تحمل اسم "بنت لابسة
ليموني" وقدمت مشكلة المرأة الأزلية من تقييد حريتها، وعدم قدرتها على ممارسة
حياتها الطبيعية، واللوحة الثالثة حملت اسم" حوت مدينة نصر" حيث النصب كوسيلة
للصعود والثراء، واللوحة الرابعة "نشيد الولد" وصراع الأمهات مع ذكورهن حول
المستقبل والرغبات والطموح، وأزمة تحقيق الذات والاحساس باللا شيء بعد بلوغ الأربعين
واللوحة الخامسة "أربعين شتا"، واللوحة السادسة والأخيرة "اطلع فوق
انزل تحت" والتي تناولت الصراع على القمة.
رغم الأحداث المختلفة
والكثيرة المقدمة، إلا أن اعتماد العرض على الإسكتشات المنفصلة السريعة والكوميدية، والتي لم تستغرق الساعة
والنصف، جعل المتلقي مستمتع بما يراه دون الشعور بالملل.
ولعل أبرز
أسباب عدم الشعور بالملل هو عنصر التمثيل، الذي قدمه مجموعة متنوعة من الموهوبين، مثل
نادين خالد التي قدمت خمس شخصيات مختلفة في هذا العرض، والتي تميزت بالتعبير
الصادق في كل شخصية، حيث قدمت الأم والزوجة والبنت والمرأة الشعبية واللعوب إضافة ل
رئيسة العصابة العجوز.
اكتفى العرض بالإنارة
العادية، في غياب واضح للإضاءة المبهرة الملونة أو الموحية، نظرا لأنه؛ لم يقدم عرضا
قائما على الايهام، بل عرض لا يفصل بين الواقع الحقيقي والواقع المعروض على خشبة المسرح،
ولعله نفس السبب لعدم نزول الستار بين الاسكتشات المختلفة لتغيير الديكور، الذي
جاء رمزيا بصورة كبيرة، باستخدام قطع بسيطة وقليلة للغاية للرمز لا للإيهام، كان تغييره
في حركة سريعة أمام الجمهور بواسطة الممثلين، واحيانا العاملين.
يعد من نقاط
قوة العرض الإستعانة بالتقنيات الحديثة كالبروجيكتور في الخلفية، وشاشات العرض التي
كانت تعرض صورا مرتبة وكأنها تحكي الحكاية المعروضة.
يفصح عرض " وهنا القاهرة" عن إمكانيات إخراجية قادرة على التحكم في أدوات العرض المسرحي، وإنتاج عمل فني يستحق الإشادة، ويفصح أيضا عن طاقات تمثيلية تستحق التقدير والمتابعة لما تحمله من حضور وطاقة على المسرح.