ضد الكسر ....وماخفي كان أعظم

كتبت: سارة توفيق

"ما خفي كان اعظم" هي اعظم ما يجسد العالم الافتراضي الذي اصبحنا نعيش فيه حياة مختلفة عن حياتنا و مشاعرنا الحقيقية، فكثيرا ماتخفي انفسنا اشياء لا تستطيع إظهارها للعلن لتتراكم بداخلنا، ولكن هل يمكن ان تصمد النفس البشرية مع زيادة هذه التراكمات؟! هل يمكن أن نقول انها ضد الكسر؟!

يدور في خاطرنا عند سماع جملة ضد الكسر انه شيء غير قابل للتحطيم، جامد كالصخر، ولكن هذا لا ينطبق علي النفس البشرية فكل نفس و لها حد من تقبل الصدمات، وقد نجد هذا يختلف مع وجهة النظر التي يتبناها مسلسل ضد الكسر. المسلسل، تأليف عمرو الدالي، انتاج العدل جروب، إخراج أحمد خالد من بطوله نيللي كريم، محمد فراج، تارا عماد، حمزة العيلي، لقاء الخميسي، لؤي عمران، مصطفى درويش، بيومي فؤاد، ومن ابرز الوجوه الجديدة نور ايهاب، رغدة جلال، احمد ابو زيد.

يتناول المسلسل الوجه الآخر لمشاهير السوشيال ميديا من خلال شخصية "سلمى"، ليعرض الحياة الرغدة التي يعيشونها و يحسدهم البعض عليها، ولكن في مقابل الإبتسامات و النصائح للمتابعين، ونشر فيديو عن فضل الأصدقاء؛ نجد سلمي تواجه صديقتها في نفس اليوم بخيانتها لها و محاولاتها في خراب بيتها بسبب حبها لزوجها، و بعد نشرها فيديو في حب زوجها و تشجيعه لها وفضله فيما وصلت إليه، إلا انها تكتشف خيانته لها بالإضافة لما تواجهه من مشاكل خاصة بأهلها، لتصل المشاكل لذروتها وتقوم شقيقتها بالاعتداء عليها وإدهالخا في غيبوبة.

يقوم العمل علي عدة خطوط درامية المشترك فيها شخصية سلمى، فنجد الخط الخاص ب سلمى ويشمل (زوجها كريم و أخواتها و والدتها واصدقائها) فهي متزوجة و اصبحت في مستوي افضل من الذي كانت تعيشه و اخذت اختها الصغرى ليلي لتربيتها و تنشلها من مستوى معيشتها، و كانت تساعد اختها الأخري ملك في زواجها و تعول الأسرة كلها بما يحتاجوه، و من هذا الخط تتفرع خطوط فرعية، لنجد الخط الخاص ب ( إياد و زوجته نادين اصدقاء سلمى و كريم ) وطريقة حياتهما وما يمروا به من مشاكل وعقد نفسية، تدفعهم لخلق المشاكل في حياة سلمى وكريم.

و خط ( ملك اخت سلمى ومصطفى زوجها وصلاح عشيقها) فصلاح ينتقم من سلمى لسرقتها له في الماضي بالتقرب من أختها حتي حملت منه، و تحاول سلمى إخفاء هذا الحمل بتزويج اختها من " مصطفى " الذي يحبها، و تخلصت من صلاح بأدخاله السجن، ومن ثم يخرج صلاح من السجن و يحاول ان يأخذ ابنه و يتم قتله في النهاية وتتهم سلمى و ملك و مصطفى بقتله.

و الخط الرابع لكريم نفسه الذي اكتشف وجود اخ له وهو لا يعلم ( تامر – كريم - دكتور نبيل) و بالرغم من كونهم ضيوف شرف إلا انهم يعتبروا طريق النور و اليد المساعدة التي ظهرت في الوقت المناسب، فكريم لم يعلم بأن له اخ من الاساس و لكن وجوده دعمه بالطبع، و الدكتور نبيل الذي كان بمثابة الناصح لسلمىً.

 يعمل الدالي منذ البداية على تقارب الخطوط معا ومزجها لبيان مدى التقارب و الحب بين الشخصيات إلى ان تنكشف الحقائق و ينكشف فراغ هذه الدائرة المغلقة واحدة تلو الأخرى، ولكن يوجد هنا بعض المآخذ أولهما التطويل ومط الأحداث ليصبح المسلسل 30 حلقة، ويتم كشف كل الحقائق في النهاية، وهو أمر يفقد المشاهد شغف متابعة الأحداث، ايضاً نحن امام (سرقة، خيانة سواء زوجية أو صداقة، فقر، غيرة الأخوات، مشكلة نسب، حتى مصاعب المهنة التي يواجهها الدكتور نبيل كونه طبيب نفسي، لنجد انفسنا امام حادثة مقتل ابن الدكتور نبيل على يد احد المرضى، بدلا من الإكتفاء بالحديث عن الأمر، وهنا يجب الإشارة إلى أن مناقشة افكار وقضايا عديدة في مسلسل واحد لم تكن أمر موفق و لم يضيف بل جعل هناك نوع من التشويش علي الفكرة الرئيسية للعمل، وتولد شعور عند المتلقي اننا امام زخم من الأحداث لا داعي له سوى إنمام ال 30 حلقة للعمل.

نجح المخرج احمد خالد، باستخدام خاصية الفلاش باك، في توضيح الفارق بين الحياة التي كانت تعيشها سلمي في بداية حياتها قبل أن تدخل عالم السوشيال ميديا من فتاة تعيش في إحدى الأماكن الشعبية و تعمل في مكتبة، وتقوم بتوصيل الخضار للمحلات الشهيرة، إلي سلمي التي تعيش في فيلا في منطقة راقية، مع اختلاف مستوى اصدقائها و ملابسها، وأيضاً ظهر هذا الإختلاف جلياً بينها و بين ملك اختها، التي تعيش في منطقة شعبية وزوجها يملك سيارة صغيرة بالكاد يستطيع دفع أقساطها.

يمكن القول بأن شخصية" سلمى" هي من أقل الأدوار حظوظاً في حياة نيللي كريم المهنية، فلم تأخذ حقها من امكانات نيللي من حيث الاحساس الصادق، والإقناع، هل السبب هو أن نيللي اعتادت علي تمثيل الأدوار العميقة المتشابكة والشائكة؟! وأيا كان السبب، لكن شخصية سلمى لم تأخذ حقها من موهبة نيللي، حتي بكائها كانت مجرد دموع تسقط بصعوبة و ليس بعفوية احساسها بالمشهد، وانفعالاتها اقل ما يمكن على المواقف القوية التي تواجهها، فليست هذه التي خانها زوجها، صديقتها، خادمتها و اخواتها، حتى و ان كان دورها المسامحة فقط فكان لابد من وجود انفعالات أصدق من التي وجدت. على العكس من شخصية "كريم" التي ابدع فيها محمد فراج، بمشاعر صادقة و انفعالات في محلها فهو ينضج فنياً مع الوقت اكثر فأكثر من خلال أدواره التي يختارها بعنايه شديدة و يجعل كل دور بعيد كل البعد عن الآخر بالأداء الحركي و الإنفعالات و تقمصه التام للشخصية.

ونأتي لـ حمزة العيلي في شخصية " مصطفى" زوج ملك أخت سلمي, والذي يجسد كل دور يقوم به بكل سلاسة وإتقان بالرغم من صعوبة الأدوار التي يقوم بها، فقد ابدع " حمزة العيلي" في تحوله من شخص و زوج مثالي يحب زوجته و بيته و يحافظ عليهم إلي شخص آخر بانفعالات و أسلوب كلام و لغه جسد مختلفه تماماً بعد اكتشافه حقيقه زوجته و أن الابن الذي كان ينتظره ليس ابنه .

ومازال بيومي فؤاد يعلن عن نفسه وبقوة في الأدوار الجادة، من خلال شخصية الدكتور نبيل، لعل وعسى يكف المخرجين عن حصره في الأدوار الهزلية الكوميدية فقط، فهو يمتلك من الإمكانيات ما تؤهلة لبطولة عمل جاد، قادر على جذب المشاهد وإمتاعه فنياً.

 ونجد الدويتو المتوازن الذي صنعه لؤي عمران ولقاء الخميسي حيث جسد كلا منهما الشخصية المليئه بالكره والحقد تجاه الأخرين حتى اقرب الناس لهما وايضا نوعية العلاقة التي تجمع هاتين الشخصيتين.

ولعل من البصمات المهمة التي وضعتها الوجوه الصاعدة كانت شخصية "عزة" والتي قامت بها الممثلة الصاعدة رغدة جلال، و التي تركت بصمة واضحة في هذا الدور فحتى نظرة عينيها تتحدث و تخاف و تقلق و تقول الكثير، رؤيتها علي الشاشه تسعدك في حد ذاتها من تلقائية تجسيدها للشخصية.

يستحق بوستر العمل وقفة وإشادة بما يحتويه، حيث نجد وجود دم في كتف سلمى من الخلف ومع هذا تقف بكامل أناقتها لتكمل تصوير ما لا يراه الآخرين، وكأننا امام رسالة ضمنية تخبرنا بأن الطعنة قد تأتي من الخلف، ممن تعطيه ظهرك وأنت مطنئن له، فكلا منا يحمل عالم غير العالم المعلن عنه للأخرين.

وتجدر الإشادة بالموسيقى التصويرية لخالد الكمار، والتي كانت موفقه جداً، حيث اعتمد فيها على الكامنجا و القانون و الناي و الطبول، ليوصل الحالة الشعورية التي تعبر عن كل مشهد.

في النهايه ندرك تماماً أن النفس البشريه لها سقطاتها ولا يوجد من هو ضد الكسر فكل منا لديه حكايته الخاصه التي يخفيها عن الآخرين و لكن الفائز هو الذي يكون محاطا بمن يحبه و يشجعه ليكسر حاجز خوفه و يظهر أحسن ما به .