خلي بالك من زيزي رسالة للبيوت المصرية

 



ماهيتاب خيري

بعد تجاوز سباق الدراما الرمضاني المنتصف ومع تشكل موضوعات المسلسلات الدرامية المعروضة كان من الصعب إيجاد عمل درامي يستحق المشاهدة إلا القليل، لنتوقف أمام مسلسل " خلي بالك من زيزي " منذ الإفصاح عن اسمه قبل رمضان من بطوله " امينه خليل " " محمد ممدوح " " على قاسم " من إخراج " كريم الشناوي، فكرة" منى الشيمي " سيناريو وحوار" مجدي امين " وإشراف على الكتابة" مريم نعوم " .

ينكشف الصراع منذ بداية الحلقة الأولى، في إطار كوميدي خفيف، وتدور الأحداث حول شخصية زيزي وحلم الانجاب ما يجعلها تلجأ لعمل عدة محاولات من التلقيح الصناعي ( IVF) ومع فشل أخر محاولة تصبح هي القشة التي قسمت ظهر البعير وبداية صراع بين زيزي " امينه خليل " وزوجها هشام " على قاسم "، لرغبتها في القيام بعمليه تلقيح صناعي أخرى ولكنه يرفض، ما يجعل الصراع بينهم يحتد ليوقع بزيزي في مشاكل كثيرة .

هذا هو ظاهر الأمر ولكن يحمل العمل في باطنه فكرة اقوى من ذلك، ، لنجد من البداية حسن اختيار اسم المسلسل "خلي بالك من زيزي"، حيث يعد المسلسل لمن يراه للوهلة الأولى مسلسل كوميدي خفيف ولكن في  داخله عمل درامي جيد ذو قيمة عالية.

فمنذ الوهلة الأولى يرى المشاهد انفعال واضطراب زيزي غير مبرر ومتصنع ويستمر هذا الشعور لدى المشاهد حتى ظهور تيتو "ريم عبدالقادر" ابنة اخت محامي زيزي " مراد " " محمد ممدوح " والتي نكتشف مع مرور الحلقات بأنها تعاني من مرض نفسي (ADHD) فرط الحركة وتشتت الإنتباه والذي يعاني منه الكثير من الأطفال وهو مرتبط بالصحة العقلية والذي ينتج مجموعة من المشكلات المستمرة مثل صعوبة الإنتباه، فرط الحركة والسلوك الاندفاعي ما يجعل العلاقات غير مستقرة للبالغين وضعف العمل أو تأخر الأداء الدراسي للأطفال  ما يترتب عليه انعدام الثقة بالنفس.

ويحسب للمخرج كريم الشناوي، توصيل حالة زيزي النفسية والعصبية منذ بداية ظهورها وذلك من خلال المشاهد الأولى لها من الملابس الغير مهندمة، طريقة المشي المسرعة وايضا من خلال سيارتها والتي نلاحظ بها الكثير من الخبطات والمرأة الجانبية المكسورة واهمالها حتى في إصلاحها، كما نرى أيضا الفوضى التي تسببها زيزي من بقايا الطعام في المنزل أو في اي مكان تذهب إليه سواء السوبر ماركت أو المستشفى .

 

جسدت أمينة خليل، الدور جيدا وقدمته بصورة جديدة وبشكل جيد كوميدي خفيف على المشاهد ما يجعله يتعاطف معها دون فقدانه التعاطف مع هشام الزوج.

 ولكن في بعض المشاهد تنفعل الشخصية دون مبرر واضح للانفعال، ولكن قد يكون الغرض هو زيادة المشاهد الكوميدية على الرغم من وجود بعض المواقف الأخرى التي يتوجب على الشخصية الغضب أو الانفعال إلا أننا لا نراها تنفعل وخصوصا بأنها في تلك المواقف لا تقوم بالتمارين المخصصة لتهدئتها .

تتغير وجهة نظر المشاهد حول انفعالات وتصرفات " زيزي "،  مع ظهور شخصية " تيتو"، حيث تعتبر شخصية تيتو هي انعكاس لشخصية زيزي ولكن في الصغر، فقد وصلت زيزي لهذه الشخصية، نتيجة عدم اكتشاف هذا المرض من الصغر، ما أدى إلى نتائج ومشاكل كبيرة في الكبر، فهناك الكثير من أولياء الأمور لم يكن لديهم دراية بوجود ما يسمي باضطراب فرط الحركة وتشتت الإنتباه وكيفية التعامل معه كمرض،  ولكن يتعاملوا معه على أنه أمر طبيعي وان الطفل كغيره من الأطفال لا يحب الذهاب إلى المدرسة أو أداء المهام الدراسية وأنه مجرد محب للحركة واللعب فقط.

ونجد على العكس من شخصية زيزي، ابنه الخالة " نيلي" نهى عابدين، الصديقة المقربة لزيزي والتي تساعدها دائما في حل مشاكلها المستمرة لتصبح الشخصية النقيض من شخصية زيزي، فنرى حديثها الهادئ المتزن على الرغم ما تعانيه من بعض المعوقات في المشاعر من سفر زوجها وانشغاله الدائم .

 

أما عن شخصية المحامي  والذي يقوم بدوره " محمد ممدوح "، والذي استطاع أن يعيد إلى أذهاننا صورة المحامي ذو المبادئ والقيم والتي ابتعدت عن تقديمها الأعمال الدرامية منذ فترة، وعلى الرغم من دوره المهم في إصلاح حياة زيزي، ليس في المهام القانونية فقط بل على الجانب الشخصي ايضا، إلا أن مساحة الدور لم تكن كافيه لظهور تلك الشخصية واهميتها، ما يعطى انطباع بأنه ضيف شرف وليس أحد ابطال العمل الرئيسيين .

يجب تحية صناع العمل لتسليط الضوء على مرض نفسي خطير وقادر على أن يؤثر بشكل كبير على حياة ومستقبل أطفالنا كنا نجهل به، دون تقديمه بشكل مبالغ فيه.