لعبة نيوتن والحلم الأمريكي

 



كتبت: ماهيتاب خيري

بعد غياب دام لخمسة أعوام عن الأعمال الدرامية تعود " منى زكي" بقوة من جديد من خلال بطولة مسلسل " لعبة نيوتن" تأليف وإخراج " تامر محسن"، سيناريو" مها الوزير "، بطولة محمد ممدوح ، محمد فراج ، سيد رجب و عائشة بن احمد.

تدور أحداث المسلسل حول الزوجين " حازم وهنا "، ( محمد ممدوح ومنى زكي ) وسعيهم نحو الحلم الأمريكي والمتمثل في ولادة طفلهم في امريكا لأخذ الجنسية الأمريكية، لتوفير حياة افضل له، وتبدأ أحداث المسلسل في تنفيذ هذا المخطط دون علم جميع من حولهم بذلك ولكن يقابلهم الكثير من العقبات والصراعات لتحقيق هذا الحلم .

يدفع المخرج " تامر محسن " المتلقي  منذ اللحظة الأولى من بداية المسلسل إلى التعاطف مع شخصية " هنا " ومحاولاتها المستمرة لتثبت للآخرين انها شخصية ذات وجهة نظر ورأي وأنها قادرة على فعل أشياء كثيرة مثل السيدات القويات اللاتي يعتمدن على أنفسهن، لتأخذ على عاتقها رحلة الولادة وما تواجهه خلالها.

وإذا نظرنا لاسم المسلسل " لعبه نيوتن " نجد المخرج ربط قوانين الحركة لنيوتن  بالأحداث، فمثلا نجد استخدام القانون الأول وهو ( أن الجسم الساكن يظل ساكن والجسم المتحرك يظل متحرك مادام لم تؤثر عليه قوه ما) لنجد هذا القانون يعكس علاقة " حازم " ب " هنا " دائما، فهو المتحرك المتحكم في الأحداث والحياة بينهم ولكن بمجرد أن تخرج الأمور عن سيطرته وعدم رجوع " هنا " إلى مصر ومع دخول شخصية " بدر " سيد رجب، لحياته يصبح أكثرت ضعفا وهدوء، وفي المقابل شخصية " هنا " والتي تمثل منذ بداية المسلسل الشخصية الهادئة المسالمة، ولكن حين تقرر الإعتماد على نفسها وبسبب الضغوط الكثيرة التي تواجهها بمفردها في امريكا، تصبح شخصية قوية متحكمة ومسيطرة على الأحداث.

وصولا إلى القانون الثالث وهو ( لكل فعل رد فعل مساوي له في المقدار ومضاد له في الاتجاه ) أيضا نرى هذا القانون في جميع المشاهد بين " حازم وهنا " حيث ان حازم هو دائما ما يكون الفعل والفعل العنيف وان هنا هي دائما رد الفعل وعلى الرغم من كونها كذلك إلا أن رد فعلها بيكون قوي بدرجة قوة فعل حازم بل واقوى منه في كثير من الأحيان .

 

كما نجد قانون نيوتن للجاذبية والذي يمكن أن نأخذه بشكل عام لمفهوم الجاذبية حيث يتمثل في جاذبية ما يسمي ب" الحلم الأمريكي" في السفر إلى أمريكا ووضع الطفل هناك حتى يأخذ الجنسية الأمريكية ليعيش حياة أفضل.

جسدت " منى زكي " شخصية هنا، بمهارة وإتقان، فقد استطاعت توصيل مشاعر الشخصية في كل اللحظات والأحداث التي تمر بها، من توتر وخوف وتهاون وايضا في نفس الوقت استطاعت أن تقدم العكس، حيث القوة والإرادة، وتغلبها على شخصيتها الضعيفة .

أما عن شخصية الزوج " حازم " ( محمد ممدوح ) ففي كل عام يثبت أنه قادر على تقديم الجديد دائما في أدائه، فقد استطاع بإجاده تامة وتمكن من الانتقال من الشخصية المتسلطة والمتحكمة والمحركة لشخصية الزوجة و بكل سيطرتها  إلى النقيض وذلك بعد سفر الزوجة ليتحول إلى شخصية تائهة وضائعة بدون زوجته ليعكس بذلك القوة الحقيقية للزوجة والتي يحاول بكل الطرق أن يثبت أنها غير قادرة على التصرف بدونه والتقليل المستمر منها، فقد برع ممدوح  في نقل صراع الشخصية الداخلية وتقلباتها النفسية بعد مشهد قتله " شاهين " أحد رجال " بدر " ( سيد رجب ) صاحب المزرعة ذلك الرجل الغامض والذي يظهر بأنه طيب ومحب لمساعدة الآخرين ولكنه لا يظهر ما يبطن ، فقد أدى " سيد رجب " هذه الشخصية بما يسمى ب "السهل الممتنع" كعادته في أدواره المختلفة .

وننتقل لشخصية " مؤنس " محمد فراج، والذي استطاع بإمساك خيوط الشخصية بدقة عالية وتجسيد ما تحمله الشخصية من تناقضات في المشاعر فيما ترغب به وما يتحتم عليها فعله، وأنه دائما وراء كل أفعاله يوجد غرض ما وليس كما يدعى أنه يحب مساعدة الاخرين .

يمكن القول بعد مرور اكثر من ١٥ حلقة  بأن "لعبة نيوتن" من افضل ما تم تقديمه في الموسم الرمضاني لهذا العام حيث لا تشوبه شائبة من كافة عناصر العمل، على آمل ان يستمر بهذا المنوال حتى آخر الحلقات .