كتبت : مروة أحمد
كانت الفنون دائمًا وأبدًا إحدى وسائل
الإنسان فى التعبير عن نفسه أولاً ثم المجتمع الذى يعيش فيه بكافة أعرافه وأنساقه
المختلفة والموروث الميثلوجى الذى خرجت من عبائته روائع أشكال الفنون وألوانها
والتى أصبحت بدورها الآن مووثًا ميثلوجيًا وثقافيًا جديدًا نتعاطى معه ونتغلل فى
أعماقه لتتوالى مسيرة الفنون، وكان المسرح أحد تلك الفنون التى حملت على عاتقها
التعبير عن الإنسان فى أفراحه وأتراحه، فى خيباته وآلامه، كانت الملجأ الآمن
للتعبير عن ما يختلج فى نفوسنا، مساحة مرحة أحيانًا، وضاقت فى أوقات كثيرة، منه
استمد العالم الضحكة والبسمة والأمل وكذلك الخوف والذعر والرفض والنبذ عند المساس
بقدسية قوانين الدولة وحكُامها، لذا فهو سيد الفنون لأنه ارتبط بميلاد الأمم
والشعوب فأينما سارت كان المسرح حاضرًا وبقوة فهو أداة ثقافية تنويرية وتثقيفية
وقد أخذت دولة الكويت على عاتقها أن يكون
المسرح إحدى كينوناتها التي تعبرعنها، فكان إحدى مكوناتها الثقافية التي استطاعت
من خلاله أن تشكل هويتها العربية وتحجز لها مقعدًا فسيحًا في محاولتها لتبني المواهب الشابة وأن تعاصر حالة التطور والمعاصرة للفنون بكافة أشكالها أسوة بمصر،
فقد عرفت الكويت المسرح فى أربعنيات القرن العشرين من خلال المسرح المدرسي الذي حمل فى طياته الإرهاصات المبكرة لنشئة المسرح الكويتي.
بدأت الحركة المسرحية في الكويت على يد
البعثة المصرية التي استقدمتها من أجل الحث على ثراء تلك التجربة، من ثم بدأ
بالإنتشار من خلال تقديم طلاب
مدرسة المباركية مسرحية "إسلام عمر" فى عام 1939 ، ثم توالت التجارب حتى
تشكلت عدة فرق مسرحية، الأمر الذى جعل المسرح المدرسى تتوسع حركته وتنتشر وتستشرى فى
أوصالها تعددية الطرح حتى الوصول إلى مسرحية "مهزلة فى مهزلة "التى تعتبر أول نص مسرحي كتب في الكويت من تأليف الشاعر"أحمد
العداونى" فى عام 1947 .
يعتبر المسرحي الكبير زكى طلميات له أثر كبير فى نشأة المسرح الكويتى حيث
ساعد على تطور الحركة المسرحية وإنتشالها من النمطية إلى التجديد والتطوير والسعي وراء زيادة الوعى بالفن الجديد الذى طرأ على الساحة فقد قضى أكثر من 10 سنوات حيث
سعى إلى إنشاء فرقة المسرح العربى 1961 والتى تقدم أشكالاً مختلفة من المسرحيات
التى اختلفت كليًا عن المسرح الشعبى والإرتجالى الذى كان يعتبر أحد إرهاصات
المسرح الكويتى، فقام طلميات بتأسيس فرقته على أسس علمية وركائز مدروسة، وقد قدمت
فرقته العديد من كلاسيكيات الأدب المسرحى فى مصر مثل صقر قريش لمحمود تيمور فى عام
1962 ، وقدم من أعمال توفيق الحكيم الرائدة مسرحيتى فاتها القطار ومسرحية عمارة
المعلم كندوز.
قدمت فرقة المسرح العربى أول مسرحية كويتية وهى أستأرثونى وأن حى من كتابة
سعد الفرج وأهرجها زكى طلميات، أما فى عام 1964 كانت أول مسرحية كويتية خالصة ( عشت
وشفت) من إخراج الكويتى حسين الصالح
ومن أهم رواد المسرح الكويتى الفنان محمد النشمى الذى قدم عشرون مسرحية فى
الفترة ما بين 1965 و 1960 والذى يعود الفضل إليه فى وصول فن المسرح إلى قطاعات
كبيرة من الكويتين وقد جمعت الأعمال المعروضة فى ذلك الوقت بين الكوميديا الشعبية
وبين النقد الإجتماعى وبين العرض الترفيهى، وإلى جانب مساهمات الفنان محمد النشمى
القوية كان هناك حمد الرجيب الذى ساعد كثيرًا فى تطور المسرح حيث تعددت مجهوداته
ما بين التأليف والإخراج والتمثيل، ويعتبر "الرجيب" من أوائل الممثلين
الهواة الذين شاركوا فى ظهور المسرح الكويتى وذلك من خلال العرض المسرحى
"إسلام عمر" الذى تم تقديمه فى عام 1938 ، ثم توالت الأغمال كمسرحية
هاملت والمروءة المقنعة ، فى سبيل التاج ، خروف نيام نيام .
ويذكر أن الفنان حمد الرجيب كان من أوائل الطلاب الذين تم إرسالهم إلى مصر
فى بعثة علمية لدراسة فنون المسرح وذلك فى عام 1948 وقد أثمرت هذه الدراسة إلى
حركة تطوير قوية حيث قرر مجلس المعارف إلى إنشاء دارحديثة للمكتبة ملحق بها قاعة
للمحاضرات ومسرح للتمثيل ، ثم تكوين فرقة للتمثيل فى كل مدرسة وتكون فرقة منتخبة
ومصطفاة من تلك الفرق المدرسية للتمثيل باسم فريق المعارف، ساهم أيضًا فى ترجمة
كلاسكيات المسرح العالمى كمسرحيات"موليير"، وليام شكبير"، فقد تم
نشر أكثر من 450 نص مسرحيًا تحت اسم "سلسلة من المسرح العالمى"
