كتبت : دنيا هاني
بدأ
المسرح السوري عام 1871 على يد (أحمد ابو خليل القبانى) الذي قام بتأسيسه في دمشق بعد مشاهدته لقصص وعروض كانت تقدم في المقاهي حتى تعلم بما شاهده فقام بوضع أسس المسرح العربي الغنائي ولكن واجه صعوبات في البداية بسبب اعتماده على صبية فى
تجسيد أدوار الإناث ما أثار عليه النقاد حتى أغلقت عروضه، وعادت مرة أخرى بعد عودة
مدحت باشا للولاية.
قام
القباني بتقديم أول عرض له عام 1871 "عرض الشيخ وضاح ومصباح وقوت الأرواح"، كما قدم أعمالا أخرى لاقت نجاحا منها "هارون الرشيد، وناكر الجميل، و أنس
الجليس، والشاه محمود"، ثم قام
بالسفر إلى مصر والولايات المتحدة لعرض أعماله حتى توفته المنية
عام 1903 فى مقبرة الباب الصغير.
تعلم
على يده اسكندر فرح، وهو من اهم رواد المسرح السوري أيضا وقدم مسرحيات هامه منها
"اليتيمتين" و "الولدان الشريدان" و"صلاح الدين" و"مملكه أورشليم" كما قدمت فرق مسرحية سورية الكثير من الأعمال العربية والعالمية،
وكثير من العروض التاريخية والاجتماعية والكوميدية والغنائية، وأيضا ترجم كثير من
الروايات العالمية كي تقدم إلى الجمهور .
بدأت نهضة المسرح السوري عام 1959، وتمثلت في المدارس والعروض التي كانت تقدم فى المقاهى حتى ظهر فن ال أراجوز على يد محمد حبيب، وظهرت شخصية المهرج الذى أعدها جورج دخول، ثم ظهر الفنان جميل الاوزغلى، الذى اعتمد فى عروضه على المسارح الضاحكة المقدمة باللغة الشامية مثل عرض :البوسطجى"، حتى ظهر المسرح الجاد الذى اعتمد على الحوار المباشر دون فكاهة أو رقص، ولكن لم يصل هذا المسرح إلى حب الجمهور لانه لم يعكس طبيعة السوريين الذين يمتازوا بالضحك والفكاهة وكانت المسرحية الجادة متمثلة في الأعمال المسرحية العالمية المقتبسة والتاريخية العربية، ومن اعلام هذا المسرح الشاعر "عمر أبو ريشه"، صاحب مسرحية "رايات ذى قار 1936"، حتى أتت مرحلة الاحتراف، وذلك من خلال عودة الفنانين الذين درسوا المسرح بفرنسا وأيضا الدارسين فى معهد الفنون المسرحية بالقاهرة ما تسبب فى نهضه المسرح السوري، ثم جاءت مرحلة التأسيس من خلال تجمع الفرق المسرحية جميعها كي يتأسس المسرح القومي تحت إدارة محمود المصري’ ووصل عدد المشاهدين للعروض المقدمه إلى ثلاثين ألف.
ظهر المسرح العسكرى الذى ساعد فى ترسيخ الحضارة والثقافه العربية واعتمد على تقديم جميع أفكاره الاجتماعية وما يحيط بالحياة السورية من افكار تبعث على الحريه والتطور والانتماء الوطني كما تميز هذا المسرح باعتماده على العروض الكوميدية ولقد ضم هذا المسرح ممثلين عدة منهم "سعد الدين بقدونس، ونجاح حفيظ، ونجوى صدقى، ويوسف شويري" وتوالت العروض المسرحية الناجحة التى ظهرت عام 1962 "سوء تفاهم، أقوال قمر" وظهرت مسرحية الثوريون 1963، بالإضافة إلى الأسماء التى ساهمت فى الكتابة والإخراج والتمثيل "احمد عداس، ناجى جبر، عبد الهادى صباغ، منى واصف، ومحمود جبر" ومن المخرجين "توفيق المأذون، سعيد جوخدار، مانويل كاشيشان، وعلى اسماعيل" .
(أحمد أبو خليل القبانى )
( اسكندر فرح )
يعتبر
من كتاب المسرح السورى الذين لديهم بصمة بارزة في المسرح السوري، "سعد الله
ونوس" فهو كاتب مسرحي وصحفي ولد عام 1941 وتأثر فى عمر الثانية عشر بالروايات
والقصص لكثير من الكتاب أمثال "طه حسين، ونجيب محفوظ، وإحسان عبد القدوس،
وعباس العقاد"، وحصل على ليسانس الصحافة من كلية الأداب بجامعة القاهرة،
وبسبب حبه لمصر تأثر بالأمور السياسية التى وقعت بين مصر وسوريا، حيث قدم من خلال
ذلك مسرحيه طويلة بعنوان (الحياة أبدا عام 1961)، وفى عام 1964 قام بنشر
مسرحيات قصيرة وهى (جثة على الرصيف) ، و(مسرحية مأساة بائع الدبس الفقير) حتى
انتقل إلى باريس ليدرس المسرح هناك فجاءت نكسه 1967 التى تسببت فى كثير من الحزن
حتى قام بكتابة (مسرحية حفلة سمر من أجل خمسة حزيران) ثم عاد بعد ذلك إلى دمشق
وقام بكتابة مسرحية قصيرة بعنوان ( الفيل ياملك الزمان) عام 1969، وكتب مسرحيته
الشهيرة الملك هو الملك 1977، كما عمل بمنصب مدير المسرح التجريبي وعلى الرغم من
أصابته بمرض السرطان إلا انه فضل استكمال مسيرته وكتاباته فقدم أعظم أعماله وهى
"الليالى المخمورة وطقوس الإشارات والتحولات" حتى توفى عام 1997 بعد
تأثره بكثير من الأمور السياسية.
( سعد
الله ونوس )
كما
ظهر كاتب مسرحىي سوري آخر وهو شاعر وصحفي (الكاتب محمد أحمد عيسي الماغوط) ولد عام
1934 وتوفى عام 2006 عاش حياة شاقة فى البداية فلم يكمل دراسته بسبب فقره، ولكن
واجه ذلك من خلال عمله بالصحافة فكان رئيس تحرير لمجلة الشرطة ومن المؤسسين لجريدة
تشرين، وكان يعرف بمسرحياته الساخرة والناقدة التى ساعدت فى تطوير المسرح السياسي
كما يعتبر من رواد القصيدة النثرية، وقدم أعماله مع دريد لحام، ونهاد قلعى، وتعتبر أشهر أعماله "ضيعة تشرين 1973، غربة، كأسك ياوطن 1979، خارج السرب 1999، والمهرج
1998".
كما قام بتأليف الشعر "حزن، والفرح ليس
مهنتى"، وتأثر في أعماله برحلة البحث عن الحرية، وظهر ذلك من خلال مقولته
الشهيرة " لو كانت الحرية ثلجاً لنمت في العراء " وبسبب مواقفه السياسية
وإسقاطاته تم نفيه خارج سوريا ولكنه ظل شامخاً حتى توفى على أثر جلطة دماغية فى
دمشق.
(محمد
احمد عيسي الماغوط )




