أوبرا بنت عربي.. تعاطفي لوحده مش كفاية !
نور اسماعيل
تعاني الإنسانية بشكل كبير من فكرة عدم تقبل الأخر، أو بمعنى أدق، عدم تقبل كل من هو مختلف مع وجهة نظرك، حتى وإن كان هذا الإختلاف سبباً أساسياً في تميزه . ووجد الفن للتعبير عن الذات الإنسانية، التعبير والبوح عن كل ماهو مؤذي لها، دون التفرقة بين ذات والأخرى، فالفن بمثابة وسيلة تعبير متاحة للجميع . وهكذا كان عرض "أوبرا بنت عربي"، الذي قدمته فرقة الشمس لذوي الإحتياجات الخاصة، النص تأليف ياسمين فرج، وإخراج هشام علي، وعرض مساء أمس، على خشبة مسرح السلام، ضمن فعاليات المهرجان القومي للمسرح المصري، في دورته الثانية عشر، ويعرض اليوم ايضاً في تمام الساعة الثامنة والنصف، على مسرح السلام، كان الجو العام المسيطر على العرض، يشبه الحواديت، ويرجع ذلك لفكرة الحكي المتمثلة في صوت الراوي، وأيضا للشكل الظاهري للشخصيات، فقد كانوا أشبه بالشخصيات التنكرية، أو شخصيات الحواديت، والشخصيات الكرتونية. ساعد على إبراز هذا المظهر، الملابس والمكياج الخاصين بالعرض . الفصل الأول من العرض يبدو وكأنه عرض كلاسيكي وتقليدي، الحاكم الفاسد اللامبالي، والمحكوم المظلوم المقهور، والوزير الخائن، ليكن هذا بمثابة مدخلاً أو غلافاً لجوهر العرض والرسالة، التي كان يريد صناع العرض إيصالها للمشاهد، البعيدة كل البعد عن السياسة،وهنا نتسأل هل يمكن أن نعتبر الفصل الأول بالكامل، تمهيداً، والعرض بأكمله فصلين فقط؟! مع العلم بأن الفصل الثاني، والذي يوضح الفكرة الأساسية للعرض، وهي فكرة تقبل الآخر والمختلف، البعيدة تماما عن القضايا السياسية!! ولا أجد تفسير لدي، سوى أن الخطوط الدرامية تشابكت، واختلط الأمر لدى مؤلفة العرض، وكذلك المخرج . فقد كان من الممكن أن يتم اختزال الكثير من الفصل الأول، في حدود مالا يضر بدراما العرض .
اما على مستوى الصورة، فمنذ أن بدء العرض، نرى قطع ديكور كثيرة متداخلة، جعلت الصورة مزدحمة، مع استخدام ألوان كثيرة من الإضاءة في وقت واحد، مع أداءات جسدية غير متقنة، ما جعل الصورة المسرحية مزعجة جدا، وغير مريحة تماما لعين المشاهد، على الرغم من نقاط الضعف التي يعاني منها كلاً من النص و العرض، إلا أنه كان يحتوي على مواهب، وطاقات فنية مؤثرة، وخاصة من ذوي الإحتياجات الخاصة، ولكن تعاطف المشاهد وحده غير كافي، فالمشاهد أيضا يحتاج إلى الإستمتاع بالمستوى الفني الخاص بالعرض، على الأقل يستمتع بمعظم عناصر العرض وليس كلها، فكيف للمشاهد أن يستمتع بالغناء والتمثيل الجيد، وباقي عناصر العرض قد أثرت بالسلب على العنصرين الإيجابيين الوحيدين، وبالتالي يفقد المشاهد استمتاعه، على الأقل بسبب الصورة المسرحية المزدحمة دائما، والمدة الزمنية الكبيرة نسبيا للعرض الغير مبررة .
يمكن ان نقول انه إذا وجد أي مبرر لمشاهدة هذا العرض مرة أخرى، أو إعطاء نصيحة لأحد بمشاهدته سيكون فقط تلك الطاقات التمثيلية لذوي الإحتياجات الخاصة، التي تستحق الإشادة والتقدير.
430
People reached
138
Engagements
