الكشف عن الجانب الأخر بحاجة إلى مزيد من الوقت

 


كتبت: دنيا هاني


يعيش الإنسان حياته باحثاً عن ذاته، ومستكشفًا للكون من حوله، محاولا استغلاله بكل ما أوتي من قوة ليحقق أهدافه، ويشبع غرائزه، ولكن هل يستطيع أن يكتشف ذاته وما يريد أن يصبح عليه حقا؟! وهل سيرضى بما سيتحول إليه أم انه سيشتاق لصورته الأولى التي كان عليها؟!

قدم فريق كليه تجارة وإدارة اعمال جامعة حلوان مسرحية الجانب الآخر في مهرجان إبداع بدورته التاسعة على مسرح وزارة الشباب والرياضة، العرض من إخراج هانى رابح, وتأليف محمد يحيى. 

يدور العرض حول وجود أشخاص تحولوا إلى حيوانات من خلال سقوطهم من العالم العلوي إلى العالم السفلي، ورغبتهم في العودة إلى حياتهم الطبيعية، ويعود ذلك التحول  إلى أن السبب كان فى شخصياتهم في الأساس،  وجاء ذلك من خلال الحوار على لسان شخصية الفيل الذي احب فتاة ولكنها تحولت إلى شخص آخر أصبح يريد أشياءًا كثيرة حتى تركها و تحول إلى فيل الذى اظهرت فيه شخصيته بأنه أصبح محب لأى فتاة اخري .
ويتم طرح الحل للعودة إلى إنسان مرة اخرى من خلال حقيبة: 

"الذى يستطيع جلب الحقيبة المعلقة من الأعلى هو من يتم نجدته ويعود إلى حياته الطبيعية".



وهو ما توصلت إليه شخصية القرد الذي قام بها " اسلام مصطفي " فى النهاية بعد قتله "الكبش" وإلقاء التهمة على مجموعة الخراتيت، وتوصل لذلك من خلال حيلة، قدمها إلى باقي الحيوانات الأخرى كي يعطلهم عن الوصول إلى الحل، فينجح القرد في الوصول إلى الحقيبة  ويعود إنساناً يتميز بالانتهازية مستخدما المقولة الشهيرة بأن " الغاية تبرر الوسيلة" ، ولقد اختار المخرج شخصية القرد لأنها الصورة الأقرب والأشبه للإنسان .  



اعتمد العرض على فكرة البحث عن الذات، حيث رغبة كل شخصية بمعرفة ذاتها والعودة لها، لنجد الشخصيات تتحول إلى الحيوان الذى تميل إليه شخصية كلا منهم من سلبيات وايجابيات لنجد " فيل وكلب وكبش وحصان وغراب وقرد ومجموعة من الخراتيت والحمير"،  ويستمر البحث عن الذات وتتحول رغبة كل شخصية إلى ترك الحيوان الذي يشبهها في الصفات والميول ، والعودة إلى الطبيعة الإنسانية مرة أخرى.

كانت اللغة المستخدمة في العرض تعمل على المزج بين اللغة العربية الفصحى واصوات الحيوانات المتداخلة معها .

تجدر الإشادة بالأداء التمثيلي والحركي  للممثلين، من حيث تأدية الحركات المعبرة عن كل حيوان، وأيضا من خلال أصواتهم ، مع قدرتهم بالتحكم فى طريقة الإلقاء دون افتعال مبالغ فيه أو رتابة , وأيضا فكرة التمييز الظاهري بينهم جاءت من خلال شخصية الفتاة التي جسدت دور الحمار الوحشي ورفض الأخرين للتعامل معها.





جاء الديكور بشكل مجمل غير موفق وغير مشابه لطبيعة العمل، ولكن ظهرت فيه بعض التفاصيل المهمة في العرض لنجد أرضيه تشبه الشطرنج، والتي تعبر عن وجود يد متحكمه فى حركة الأخرين .

عانى كلا من عنصري الملابس  لهاجر كمال، والمكياج لغادة ناصر وروضة مرجان، من التشتت لبعض الشخصيات، وماتعبر عنه وأيضا الماكياج لبعض الشخصيات لم يوضح نوع الحيوان المقدم وتم التعرف على نوعه من خلال الحوار .

 الموسيقى من تأليف شريف محمد، جاءت متناغمة مع اللحظات التي تستخدم بها في العرض لتدخل المتلقي في اجواء العرض .

وتعد إضاءة أبو بكر الشريف أحد نقاط قوة العرض، والتي كانت تميل إلى  اللون الأزرق والأحمر في إشارة إلى الصراع بين الخير والشر، وقلة استخدام البؤر الفردية واقتصارها على شخصية القرد والذي كان بمثابة المتحكم في الأحداث ، والذي انتصر وأصبح وحده في النهاية  ..

 


تصميم البوستر معبر عن الفكرة التي يتناولها العرض حيث يشير إلى علامة اللانهاية، ويكون داخلها انسان فى دائرة والدائرة الأخرى بها حيوان، وأعلى هذه العلامة توجد الحقيبة التي يكون فيها الحل القائم على تحولهم إلى بشر، بالإضافة إلى لون البوستر الأزرق وهو من الألوان الانتقالية التي تشير إلى فكرة التحول .

 

ونأتي للعنصر الشامل لكافة عناصر العرض المسرحي، وهو الإخراج، والذي كان أداءه متفاوتا، فنجد أن بعض خطوط الحركة كانت تحدث حالة من التشتيت لعين المتلقي، أيضا يظهر عدم الاهتمام بعناصر العرض على حد سواء مما ادى إلى تفاوت المستوى  بين عناصر العرض وبعضها البعض، وهو ما أظهر العرض في صورة غير مترابطة.

 يمكن القول بأن العرض كان بحاجة لمزيد من الوقت لينضج، والتركيز على بعض العناصر بصورة أكبر، لكن يجب الإشارة إلى المجهود المقدم من قبل كل أفراد فريق العمل.