المسرح اللبناني.. ماضٍ حافل وحاضر يضل الطريق


 كتبت : مروة أحمد 

أُسس المسرح الوطنى الذى تحول إلى مسرح"شوشو" نسبة إلى الإسم الفنى لمؤسسه الفنان حسن علاء الدين، وهو يماثل البوليڤار فى باريس وقدم العديد من الأعمال المسرحية الناجحة والتى كان يقع عبء مجهودها على شخصه فقط ولكن مع تردي الحالة الاقتصادية في فترة السبعينيات اضطر إلى تقديم العروض التجارية مثل مسرحية "وراء البارافان"، "وصلت لتسعة وتسعين"،"حبل الكذب الطويل"،  والتى لم تلق نقدًا إيجابيًا وقبولاً حسنًا بين الأوساط الثقافية آنذاك.

كانت لفرقة الرحبانية"الفرقة الشعبية اللبنانية" تأثيرًا مهمًا فى تاريخ المسرح اللبنانى والتى بدأ نشاطها فى حقبة الستينيات، والتى اعتمدت على مشاركة المطربة فيروز العديد من أعمالها، فقدمت عددًا كبيرًا من المسرحيات الإذاعية والأوبريتات منها : صح النوم ، الليل والقناديل، ميس الريم، بياع الخواتم، ناس من ورق، جبال الصوان، دواليب الهوا، سفر برليك.

وهناك العديد من رواد المسرح اللبنانى الذين قدموا أعمالأ كانت السبب في رسوخ أقدام المسرح اللبنانى فمنهم يعقوب شداروى الذى أخرج مسرحية المهرج والتى كانت من تأليف محمد الماغوط، والفنانة تيريز عوض التى ألفت مسرحية البكرة فى عام 1973 وهى قصيدة درامية أخرجها فؤاد نعيم وشارك فى التمثيل  فيها جوزيف سعود ونضال الأِشقر.

وألف شكيب خوري العدد من المسرحيات وأعد منها من كلاسكيات المسرح العالمي كمسرحية "قط فوق سقف الصفيح الساخن" لتينسى وليمز، أما ريمون جبارة فكان ممثل قدم أجمل أدواره فى مسرحية عصام محفوظ "الزنزليخت" ومسرحية  "وصية الكلب"

أما "جلال خورى" فألف مسرحيات "وايزمان وبن جوريون وشركاءهما" فى عام 1968 ومسرحية "جحا فى الخطوط الأمامية"، "الأبطال"، "طانيوس شاهين"وغيرها الكثير.

وقد رأى النقاد أن المسرح اللبنانى كان موجهًا بشكل كبير إلى النخبة المثقفة لذلك كانت هناك العديد من حالات النكوص والإنكسار فى نشاط المسرح حيث أن الفن ما يكتب له البقاء أن يكون موجهًا إلى أكبر عدد ممكن من جمهوره، فطبقة النخبة لا يمكن أن تكتب له البقاء لفترة طويلة، وكان من الملاحظ أن المسرح اللبنانى كان يميل إلى تقديم التجارب الفنية والفلسفية والعقلية وهذا ما كان يحدث إنفصالإ بين الممثل والمتفرج، ولكن لم يختلف المسرح اللبنانى عن مسارح الوطن العربى في أن يقدم فناً مستهلكاً وتجاريًا فى المقام الأول القائم على إرضاء الجمهور، والذى يؤكد القائمون عليه أنها ستحظى بقبول الجميع فنرى استخدام الفجائع ونكبات الوطن العربى فى تلك الحقبة كمادة سخية للإستهلاك على خشبات المسارح كنكسة 1967 وغيرها من فواجع الأمة العربية إلا أن هذا الوضع انقلب رأسًا على عقب بعد حرب 6 أكتوبر المجيدة فما كان على هؤلاء إلا تقديم أعمالًا تليق بإنتصارات المرحلة ، فقد تم سحب مسرحية"المارسيليز" لخالد عيتانى وأنطون كرباج بإعتبارها مهينة للإنسان العربى وعادت تقدم أعمالًا مهمة تناقش أوضاع المواطن اللبنانى كمسرحية"جمهورية الشاطر حسن" التى كتبها أنطون غندور، ومسرحية "إضراب الحرامية".

أما السمة الإيجابية فى المسرح اللبنانى فقد كانت من نصيب مسرح الأخوان رحباني الذي اهتم بتقديم فضائل القرية وبساطة أهلها وثقافاتهم المتنوعة في العديد من الأوبريتات الغنائية كبياع الخواتم، فقد كانت محاولة للهرب من الحاضر المعقد الذي تزاحمه قوة العلم وسلطة الحرب واختلال موازينها بين الفينة والأخرى مما يجعل الإنسان بين مطرقة الحروب وسندان الأمل فى أن تنتهى يومًا ما.