"زهرة اللوتس ..... البحث عن القيم المفقودة"








"زهرة اللوتس ..... البحث عن القيم المفقودة"

هناء حسن

عندما نسمع كلمة الحكاية أو "الحواديت" سرعان ما يأتي في مخيلة البعض، كتاب القصص الشهير، ألف ليلة وليلة، وأبطاله من أمثال الشاطر حسن، وعلاء الدين، خاصة ذلك الأخير، والذي هو بطل حكايتنا اليوم من خلال العرض المسرحي "زهرة اللوتس".
يصطحبنا المخرج محمد حجاج، معه من خلال دخول أطفال في بداية العرض من وسط الجمهور، ويصعدوا على خشبة المسرح، في إشارة إلى ضرورة إشراك الجمهور سواء من الأطفال، أو الكبار، داخل هذا العالم السحري القديم، محاولاً إستعادة التراث في هذه الأجواء المعاصرة التي نعيش بها الآن، وعندما يكون العرض موجه للصغار، لا يكن بالأمرالسهل، حيث مخاطبة عقول الأطفال، خاصة وأن عقولهم الآن أصبحت أكثر تنويرا، نظراً لتطورات العصر من إنتشار التكنولوچيا، ووسائل الإنفتاح على العالم، فهل ينجح هذا العرض أن يصمد أمام هذه العاصفة؟
تكمن الإجابة في وجهة النظر القائلة، بأنه يجب التمسك بالجذور وعدم اقتلاعها، كذلك السلوكيات والأخلاق التي تزرع في الطفل منذ الصغر، وهو ما يراه صناع العمل الدور المثالي لذلك النوع من الفن، فمن خلال الصراع بين الخير والشر، فيمن يتولى حكم المدينة تتابع الأحداث .
وذلك لا يمنع أن يتخلله بعض جمل وكلمات لغة العصر، حتى يكون هناك حلقة وصل بين القديم والحديث، فكثير من أطفالنا اليوم يجلسون على هواتفهم طوال اليوم دون فعل شئ، ذلك الفعل أو "العمل" هي الرسالة المراد إيصالها من قبل صناع العرض المسرحي، تلك الزهرة التي تأبى الصعود كعادتها على سطح الماء كل صباح، لتملئ العقول بالنشاط، فيأخذنا الممثلين في رحلة البحث عليها في أجواء مليئة بالإستعراضات والأغاني والأضواء، ويدعونا فيها البطل لنحلق معه في الأفق، ونسبح معه في الأعماق لفك رموز لغز الزهرة .
ذلك البطل هو فادي خفاجة، والذي يجسد شخصية علاء الدين، البطل الذي يسعى لتحقيق طموحاته وأحلامه، والتي من خلالها سينشر الخير في المدينة، تشاركه في ذلك الأميرة، والتي تقوم بدروها هدى هاني، فالجدير بالذكر أن اختيار المخرج لفادي وهدى، يتعلق في ذهن المتلقي بمسلسل أبناء ونيس، والذي يعد من الأعمال التي سعت إلى غرس القيم الأخلاقية، والتربوية في أجيال سابقة، ومازال يزرعها في أجيال قادمة، فعمل ذلك على ربط المشاهد بالعمل عن طريق اللعب على ذاكرته ووجدانه .
لعب المخرج على الكثير من عناصر الصورة الجذابة من خلال استخدام الألوان سواء في الإضاءة أو الملابس، أو بحضور نوع فني له حضوره الخاص، وهو فن خيال الظل، فالبرغم من قصر مدته، إلا أنه كان أحد الخيوط التي ساعدت في حل الأزمة التي تمر بها المدينة، ليعيدنا ذلك إلى الإصرار على الإنسان بكل ما هو تراثي، ومكون أساسي في مسرح الطفل .
العروض التي توجه لمسرح الطفل غالبا ما تكون قصيرة نسبياً، وذلك يرجع إلى أن الطفل بطبيعته ملول، وهو ما وقع فيه عرض "زهرة اللوتس"، حيث تجاوز الساعتين تقريبا، ما أدي إلى الشعور بالملل من قبل بعض الأطفال، وبالتالي عدم السيطرة عليهم، ولجأ المخرج إلى جعل الممثلين يشركون الصغار في الحوار، ايضاً كان للأطفال المشاركين في التمثيل دور في تغير المناظر و الديكور، أمام أعين المشاهدين، ما كان له أثر ايجابي، ومختلف للتأكيد على الاتفاق المسبق لمشاركة الجمهور في العرض، ايضا كان هناك استخدام ذكي للديكور عن طريق استخدام أربع مكعبات على جانبي المسرح، وبذلك يصبح هناك أربعة أوجه لكل مكان تدور به الأحداث .
استطاع أن يحقق العرض نجاح منذ أن عرض في يونيو الماضي، حيث شهد


إقبال الجمهور عليه منذ الليلة الأولى له، والتفاعل من قبل الأطفال، خاصة وهم الفئة المستهدفة.
العرض يكمل الليلة الثانية له اليوم الإثنين 19 اغسطس، على مسرح ميامي، في تمام الساعة السادسة.